مشيت بمحاذاة النهر والهلع يستبد بالهواء الذي يخترق مسامي..أذكّر نفسي طول الوقت بأنهم يقولون "إتبع الماء دائما لتصل.."وأنا امشي منذ يومين…لم تلح للنهر نهاية..ولم أصل..ولا يبدو خلف الضفة الأخرى بشر..
فاجأني ذئب..
كيف انشقت الأرض عن هيكله الفضي الوثير..لا يهمني .أريد فقط أن لا يقطع طريقي ،وأنا في البحث عن وصول..
لكنه أوقفني في حثيث السير..وقال هيت لك….
رميته بحجر فابتعد ،لكنه لم يذهب ،وظل يتحين مني غفلة..فيما صرت أمشي خطوتين وأتلفت..وقلبي يفر إلى سماء بعيده.. وذكريات غامضة ،والليل يقترب، يتهدد بإفلات السواد.
صادفني في التشتت فرع طويل مائل كخيزرانة ..اجتهدت في أن اقتلعه من صدر أمه بأقل الأذى ..صلب، أتعكز عليه..ومآرب أخرى..حدّثت نفسي..وغذّيت الخطو بأمان زائف ..والذئب لا يبدوواضحا..وعلى الضفة الأخرى..يلوح بشر يتحركون كنمل بعيد..
خدرت قدماي..وركبتاي أزّتا ..وأمعائي بدأت تشكو بصوت كسير..
هززت أغصان شجرة فطارت عصافير وتناثر ورق علىّ وسقطت ثمرة لم أعلم كنهها..وضعتها في فمي بحرقة،وعيناي تدمعان ،والنمل على الجهة الأخرى يتلاشى ،ولا نهاية للنهر..
يقفز الذئب من الظلام ويقطع طريقي..أنازله بتقوس الغصن القوي..فيبتعد..ولا يذهب..والليل يدخل بكامل عتاده وعتمته..ولا يلمع في الظلمة غير عينا الذئب..على مرمى حجر،قدحته بآخر ،وصنعت ناراً صغيره.
يمضي اليوم الأول وأهبط من الشجرة ..سرير السلامة ومخبأ النجاة..القط ما يسقط من الأشجار،وأشرب من النهر،ولا أترك عصاي ،والذئب خلفي مستوحد ويائس.أفكر كيف يمشي بلا قطيع ،وهل هو ضال مثلي ،وهل يحاول أن يأنس بوجودي ،و ألف هل.
للصيف الثاني أمشي ،والذئب.
للربيع الثالث ..
للخريف الرابع .القط الثمر،وأشرب من النهر،وأمشي بمحاذاة الماء بحثا عن أثر ،والذئب خلفي على مسافه.
تعبت الآن.ولم أصل نهاية النهر ولا اجتزته.والنمل غادر مجال رؤيتي وخيالي.والضفة الأخرى تغيم فيبدو النهر ممتدا ويتسع.وجسدي يثقل في المشي شيئا ،ويسقط من حافة الحماس فيتلقفه حضن الإعتياد..
يبدو الذئب الآن مسالما أكثر.. ولم يحاول الهجوم طيلةالشتاء،واكتفى بالمراقبة عن بعد..
هذا هو الخريف الخامس أو السادس،اختفت الضفة الأخرى ،وغرق بيَ الطوف الذي صنعته مما توفر مرتين.وجس الموت نبضي،ورأيت وجهه، سبعاً.
توقفت عن البحث ،والنهر يجري ،والذئب يجر حماسه خلفه بصعوبة ،بعد أن هرم قليلا،وأصابه مثلي ،الهزال والتعب..
سأبني لي مأوى هنا..أجعل دعائمه أقوى في وجه الريح..أشاغب النهر كلما عّن الحلم..فقد بردت ذكرياتي الآن ،ويقترب منها الصقيع ،ولم أعد انظر للذئب كعدو مفترس وقوى ، سأتعلم أبجدية العزلة وأعيش.
وربما..والشتاء الآن تنتشر روائحه في الهواء..
ربما..سمحت للذئب..أن يقترب أكثر.
كيف انشقت الأرض عن هيكله الفضي الوثير..لا يهمني .أريد فقط أن لا يقطع طريقي ،وأنا في البحث عن وصول..
لكنه أوقفني في حثيث السير..وقال هيت لك….
رميته بحجر فابتعد ،لكنه لم يذهب ،وظل يتحين مني غفلة..فيما صرت أمشي خطوتين وأتلفت..وقلبي يفر إلى سماء بعيده.. وذكريات غامضة ،والليل يقترب، يتهدد بإفلات السواد.
صادفني في التشتت فرع طويل مائل كخيزرانة ..اجتهدت في أن اقتلعه من صدر أمه بأقل الأذى ..صلب، أتعكز عليه..ومآرب أخرى..حدّثت نفسي..وغذّيت الخطو بأمان زائف ..والذئب لا يبدوواضحا..وعلى الضفة الأخرى..يلوح بشر يتحركون كنمل بعيد..
خدرت قدماي..وركبتاي أزّتا ..وأمعائي بدأت تشكو بصوت كسير..
هززت أغصان شجرة فطارت عصافير وتناثر ورق علىّ وسقطت ثمرة لم أعلم كنهها..وضعتها في فمي بحرقة،وعيناي تدمعان ،والنمل على الجهة الأخرى يتلاشى ،ولا نهاية للنهر..
يقفز الذئب من الظلام ويقطع طريقي..أنازله بتقوس الغصن القوي..فيبتعد..ولا يذهب..والليل يدخل بكامل عتاده وعتمته..ولا يلمع في الظلمة غير عينا الذئب..على مرمى حجر،قدحته بآخر ،وصنعت ناراً صغيره.
يمضي اليوم الأول وأهبط من الشجرة ..سرير السلامة ومخبأ النجاة..القط ما يسقط من الأشجار،وأشرب من النهر،ولا أترك عصاي ،والذئب خلفي مستوحد ويائس.أفكر كيف يمشي بلا قطيع ،وهل هو ضال مثلي ،وهل يحاول أن يأنس بوجودي ،و ألف هل.
للصيف الثاني أمشي ،والذئب.
للربيع الثالث ..
للخريف الرابع .القط الثمر،وأشرب من النهر،وأمشي بمحاذاة الماء بحثا عن أثر ،والذئب خلفي على مسافه.
تعبت الآن.ولم أصل نهاية النهر ولا اجتزته.والنمل غادر مجال رؤيتي وخيالي.والضفة الأخرى تغيم فيبدو النهر ممتدا ويتسع.وجسدي يثقل في المشي شيئا ،ويسقط من حافة الحماس فيتلقفه حضن الإعتياد..
يبدو الذئب الآن مسالما أكثر.. ولم يحاول الهجوم طيلةالشتاء،واكتفى بالمراقبة عن بعد..
هذا هو الخريف الخامس أو السادس،اختفت الضفة الأخرى ،وغرق بيَ الطوف الذي صنعته مما توفر مرتين.وجس الموت نبضي،ورأيت وجهه، سبعاً.
توقفت عن البحث ،والنهر يجري ،والذئب يجر حماسه خلفه بصعوبة ،بعد أن هرم قليلا،وأصابه مثلي ،الهزال والتعب..
سأبني لي مأوى هنا..أجعل دعائمه أقوى في وجه الريح..أشاغب النهر كلما عّن الحلم..فقد بردت ذكرياتي الآن ،ويقترب منها الصقيع ،ولم أعد انظر للذئب كعدو مفترس وقوى ، سأتعلم أبجدية العزلة وأعيش.
وربما..والشتاء الآن تنتشر روائحه في الهواء..
ربما..سمحت للذئب..أن يقترب أكثر.
تعليق في المدونة السابقة من شمس المغيب:
ردحذفشمس المغيب المغيب قال:
نوفمبر 16th, 2011 at 8:41 ص
اسفار الورود صباحكم ورد وجورى
شرفت جدا بمرورى الاول من هنا
وسعدت بمرورى بمواضيعك القيمه
تمنياتى القلبيه لكم بمزيد من التوفيق والابداع
لك خالص تقديرى
http://moslemien.maktoobblog.com/
تعليق في المدونة السابقة من حسن البراني:
ردحذفحسن البراني قال:
نوفمبر 17th, 2011 at 4:11 م
ايها الكهل الوسيم..من أي المجاهل والبحار اتيت بهذا النص الجميل؟؟..وكيف وجدته؟؟..سأبحث عن هذا الإسم وقد بحثت فعلا.هي رائعة وانت ايضا..ممتن لك..ولفاطمة ايضاً.
http://asfaralworod.maktoobblog.com/11/%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A6%D8%A8%D9%81%D8%A7%D8%B7%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D9%87%D8%B6%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA/