ما برحت التساؤلات تطرق رأسه .. منذ متى ونحن نكبر، تنمو عظامنا ، حتى
أصبحنا عمالقة ؟ ولكن ..! رؤوسنا ما زالت على حالها ، حجم صغير ، عقل صغير ، رأس مشحون بتفاهات عالم جمع المال بأية وسيلة ... أفكاره في
تلك اللحظات كانت شهادة إدانة لهذا الواقع المؤلم الذي يكتنفنا ..!!
حين جلست قبالته .. حدثته طويلا عن حياتها .. عن الأدب والتاريخ
والموسيقى .. عن الحب الذي ما كاد شراعه يبحر حتى هوى مضرجا بالخيبة
باحثا عن مرفأ آخر ..!! المال كان هو السبب فحين يدخل الفقر من الباب
يهرب الحب من الشباك .. هكذا قالت .. تحاكيه بنظراتها الساحرة ، فتاة في
العشرين تتطلع إلى عالم المال .. طموحها شديد وتضحي بأي شيء كي
تحقق هذا الطموح ..!
اما هو فكان منبهرا بتلك الهنات التي رافقت صوتها غارقا في ملكوت حلم
يغزو رأسه سريعا وهو يرنو إليها بتعطش وسحابة زجاجية شفافة تغلف هذا
الحلم الذي أوشك أن يصبح كابوسا رهيبا .. أصرت أن يرافقها في طريق
العودة لم تكن قد التقت به من قبل إنما هو صيد ثمين ! رجل غريب ! عملاق
برأس صغير وعقل بحجم حبة حمص ...!!
بهرتها سيارته الفارهة التي دلّت على ثرائه وأمواله التي يمتلكها أما من اين
جاء بها فليس مهما ..!
كان رأسه فارغا تماما أثقلته بحديث الفكر ، ومتاهات السيكولوجي
والبارا سيكولوجي .. أحس انه إزاء موسوعة تحمل كل ما كان يتوق الى
معرفته حتى طفق رأسه يكبر ويكبر..!! فحدثها حديث المال والممتلكات ..
حدثها عن وحدته التي ملأها بفاكهة الأدب والثقافة والعلم .. لكنها أصرت
على ان تذكره بأن المال هو سر السعادة ..!!
شعر انها تطلب ثمنا لما قدمته ، وان حديثها عن السمو الفكري لم يكن
سوى ستار يخفي رغبة مستشرية للتملك .. وها قد تدحرج الاثنان ووصلا
الى خواء النهاية ..! وعلى حين غرة اكتشف ان رأسها الجميل الذي أسكره
بخمره المعرفة قد تحول إلى حبة حمص خاوية..!!!! أضناه البحث عن تلك
النظرات التي سلبته العقل الذي غادر رأسه ليحل بدلا عنه عقل آخر .. كان
مأخوذا بما حصل عليه في تلك الليلة .. لكن شيئا واحدا أقض مضجعه
وسلب سعادته وذلك حين تحول رأسها إلى حبة حمص..!!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حوارات الزمن...مؤلف للكاتبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك مُعرف أو غير مُعرف يهمنا المضمون فقط