الأحد، 20 نوفمبر 2011

قلوبٌ من تراب إيمان بني مفرج..الأردن





سأنوء بكلِّ ما أحملُ اليوم وأبتعد.. حتى يئين الرحيلِ المتأخرِ جداً عن موعده - ما أصعبَ الترتيبَ في اللحظاتِ الأخيرةِ- وقلبي الذي أحملهُ في جوفي هذا الذي ينثرُ الترابَ مع الدماءَ، هذا الذي يتنفسُ من هواءٍ لم يُعجنَ بيومٍ مع ندى، هذا الذي ليسَ إلاّ من تراب، وما أدراكَ ما التراب !!
وصلَ التحدُّبَ في ظهرِ المشوارِ حتى النصف .. بل كأنهُ بدأ يَنحني للأسفلِ وهذا الحملِ الذي يتدلّى على الأطرافِ؛ يتلاعبُ بخطواتي كيفما يريد، وأنا الأسيرةُ فهل من محرر!
وصلَ الكَدَرُ الحَلقُ؛ واختنقتْ كلُّ الكلماتِ في عُنقِ البوحِ وازدادتْ حِبالُ الظُلمِ أنانيةً وحزم.
أحدودبَ   ظهرُ الكلماتِ تماماً وبدأ بالزحفِ نحو الخلاصِ من كلِّ المحيطات، وما أوسعَ المحيطاتِ وما أكثرَ من يعيش فيها وما أكثرَ من يموتَ على أطرافها!
يغريني النهرُ الصغيرُ دائماً ولا أحبُّ عبورَ المحيطاتِ، وها أنا أزحفُ بِنصٍّ أحدبٍ تماماً على ماءٍ بِلا أرضْ؛ فهل لي من وصول؟
لمنْ أُهدي ياسميناً مازالَ يختبئ في جيبي الصغير!
سألتمسُ لكَ يا قلبُ العُذرَ في تلوينِ العذابِ، هذا الذي باتَ يرسمُ على وجنتيكَ شعاعَ الرضا، وسأهديكَ عوداً من ياسمينٍ أبيض؛ يسمحُ للهواءِ أن يَسكنهُ ليصيرَ ورقةً بباطنِ دفتركَ الذي يمارسُ سطوَهُ في تلكَ الحقيبةِ الفارغِة من كلِّ شيءٍ عَدا الهموم.
فيا أيها الموجوعُ بنيرانِ النَظمِ سأحدّثكَ بهمسٍ ينازعُ القصيدَ ولعاً؛ فاستمع لنزفي:
قلوبنا من ترابٍ؛ لا يُهلكها الصدأ فكلِّ الترابِ طَهورُ
وعيوننا من خلفها تسيلُ كلُّ مياهِ الأنهرِ بخشوع
وأيادينا بأصابعها العشرة تعزفُ على قيثارةِ العمرِ المديدِ بالآهاتِ والدموع
وأنفاسنا لم تزلْ تلهثُ بلهفةٍ أصيلةٍ تُجلسنا على حمّىً وسهر
وأحلامنا الهرِمةُ العجوزُ، لاتزالُ تصهلُ في الأعماقِ تبحثُ عن حقائقَ وشموس
ويبقى القلبُ يمطرُ بذراتِ ترابٍ
حبّة .. حبّة
وذرّةً .. ذرّة
ولهفةً .. لهفة
فدعني يا وعدُ أمضي بكلِّ طرقاتي المرسومةِ بالقناعة، المرصوفةِ بالحنينِ، المدججةِ بالأحلامِ، المرصّعةِ بحزنٍ وكأنهُ الدرُّ المكنون في قعرِ المحيط، ودعْ القلبُ يا قدرُ ودع تُرابهُ يتنفس؛ فقد ناءَ الحمّال بالحِملِ وباتَ حتى عظمُ الروحِ ثقيلُ. فدربُ الصوابِ دائماً وعرٌ وخيطُ الروحِ "الحق" يبقى غليظَ العهدِ والشدِّ.
ما أثقلَ البياضَ وما أوعرَ طريق القلب الذي لم يزل من تراب..

هناك تعليقان (2):

  1. اين عثرت على هذا النص الرائع ايها الوسيم..بل اين تجد كل هذه الجواهر التي تنشرها..شكرا.

    ردحذف
  2. لم تقل لي اين عذرت على هذه الدرر..ستسجل لك المبدعات انصع الصفحات في تاريخهن الأدبي ايها الكهل الوسيم؟؟

    ردحذف

أهلا بك مُعرف أو غير مُعرف يهمنا المضمون فقط